تعلم اللغات أثناء النوم بين الحقيقة والوهم

تعلم اللغات أثناء النوم بين الحقيقة والوهم

لطالما ورد في ذهننا السؤال التالي هل حقاً نستطيع التعلم أثناء النوم؟ وهل يمكننا أن نستفيد من وقت نومنا في تعلم كلمات لغة أجنبية جديدة أو تعزيز الكلمات التي درسناها من قبل؟

للتأكد من حقيقة وفعالية هذه الطريقة في التعلم، قام باحثون من جامعتين سويسريتين بدراسة نشرت عام ٢٠١٥ في مجلة Cerebral Cortex، وقد أظهرت هذه الدراسة أن النوم يعزز قدرتنا على تعلم الكلمات الأجنبية.

التجربة:
تقوم التجربة على القيام بتشغيل تسجيل صوتي يحتوي على كلمات اللغة الأجنبية التي يريد الشخص تعلمها، على أن يتم تشغيل التسجيل أثناء نوم الشخص في مرحلة محددة من النوم، وهي مرحلة حركة العين غير السريعة (نوم NREM) التي تكون في الساعات الأولى من النوم. ومرحلة حركة العين غير السريعة (نوم NREM) على على عكس مرحلة الرِّيْم (REM) التي تتميز بحركة العينين السريعة التي لا تهدأ، وهي مرحلة فقدان الوعي والتي عادةً ما نرى فيها الأحلام.




كان المشاركون في التجربة من الناطقين باللغة الألمانية الذين يريدون تعلم اللغة الهولندية، حيث قام الباحثون بتقسيم المشاركين في الدراسة إلى مجموعتين، وبعد ذلك قدموا لهم مجموعة من الكلمات باللغة الهولندية ليقوموا بتعلمها. في الساعة العاشرة مساءً تم السماح لمجموعة واحدة فقط بالنوم في حين بقيت المجموعة الثانية مستيقظة، وفي هذه الأثناء تم تشغيل مسجل صوت للمجموعتين يقوم بلفظ الكلمات التي تعلموها مع إضافة بعض الكلمات الجديدة التي لم يدرسوها من قبل وذلك خلال نوم المشاركين من المجموعة الأولى، وبقاء المشاركين من المجموعة الثانية مستيقظين.

في الساعة الثانية صباحاً، قام الباحثون بجمع المجموعتين وأعطوهم اختباراً بالكلمات التي استمعوا إليها للكشف عن أي اختلافات في النتائج بينهما. 

النتيجة:
أظهرت نتيجة الإختبار اختلاف ملحوظ في نتائج المجموعتين، فالمجموعة الأولى التي استمعت إلى الكلمات أثناء النوم استطاعت تذكر الكلمات التي درستها في الساعة العاشرة مساءً بشكل أفضل من المجموعة الثانية التي بقيت مستيقظة، ولم تظهر أي نتائج تدل على تحسن تعلم الكلمات الجديدة التي لم يدرسوها من قبل وإستمعوا إليها أثناء النوم.

وتعرف هذه الطريقة التي استخدمها الباحثون باسم "التلميح اللفظي"، وهذه ليست الدراسة الأولى التي تظهر فيها نتائج إيجابية للتعلم أثناء النوم. ولكن ما يجعل هذه الدراسة مختلفة هي أنها تبين بشكل واضح الشروط اللازمة لنجاح هذه الطريقة بشكل فعال، ومن هذه الشروط أنها تعمل فقط عندما نكون قد سمعنا أو درسنا الكلمات قبل النوم.

وقد أضاف الباحثون بعداً فنياً عن طريق إجراء تسجيلات كهربية (EEG) لأدمغة المشاركين في الدراسة أثناء النوم لتتبع النشاط الكهربائي العصبي خلال فترة التعلم. ووجد الباحثون أن تعلم الكلمات الأجنبية يتداخل مع ظهور موجات دماغ ثيتا (theta)، وهي نتيجة مثيرة للاهتمام لأن ثيتا (theta) هي حالة الموجة الدماغية التي ترتبط في الغالب بالتعلم المتزايد أثناء الاستيقاظ، عادةً تحدث حالات ألفا (alpha) عالية التردد أو عالية اليقظة، أو تحدث حالات بيتا (beta) أثناء الاستيقاظ، ولكن من الممكن إحداث حالة ثيتا - أبطأ في التردد من ألفا وبيتا - من خلال تقنيات التركيز.

وعليه فقد تم الاعتراف بالنوم البطيء أو العميق باعتباره عاملاً حاسماً في تعزيز الذاكرة أي جعل الذكريات تنتقل من الذاكرة قصيرة الأمد إلى الذاكرة طويلة الأمد. ففي أثناء نوم الموجة البطيئة، والذي يحدث خلال النصف الأول من الليل فإن خلايا الدماغ تعمل بطريقة متزامنة بشكل كبير وعندما نقيس النوم باستخدام أقطاب كهربائية ملحقة بفروة الرأس يظهر النوم البطيء على شكل تذبذب بطيء عالي السعة.

كما تبين أن المرضى الذين يعانون من الأرق ومن نوم أقل في مرحلة الموجات البطيئة يظهر لديهم ضعف في تثبيت الذكريات في الذاكرة مقارنة بالأشخاص الذين ينامون بشكل طبيعي.



ومن خلال هذه التجربة يتبين لنا أن دراسة كلمات لغة أجنبية جديدة قبل النوم ثم الذهاب للنوم وتشغيل تسجيل صوتي لهذه الكلمات من شأنه أن يساعدنا على تثبيت هذه الكلمات في ذاكرتنا.


ولهذا نجد العديد من المواقع الالكترونية والتسجيلات والفيديوهات على اليوتيوب التي تَعِدُنا بتعلم وتحسين لغتنا الأجنبية من خلال الاستماع للتسجيل الصوتي أثناء النوم وعادة ما يحتوي التسجيل على كلمات وجمل متنوعة لمدة ساعة أو ساعتين والتي نستطيع تشغيلها والاستماع إليها أثناء النوم.



للاستفادة من هذه الطريقة في التعلم بشكلٍ فعال، علينا التأكد من شرطين:

  • الأول: تشغيل تسجيل الصوت للكلمات أو الجمل الأجنبية التي قد سمعتها من قبل وليس كلمات أو جمل جديدة.

  • الثاني: تشغيل تسجيل الصوت ليعمل خلال الساعتين أو الثلاث الأولى من النوم.

عند الاستيقاظ قم باختبار الكلمات التي تعلمتها وقيّم مستوى تذكرك لها ومدى فائدة هذه الطريقة بالنسبة لك والنتائج التي ستحصل عليها.

يرجى مشاركتنا برأيك في حال تجربة هذه الطريقة أو إذا كنت قد جربتها من قبل.


المؤلف: مارلين الخويخي
اترك تعليقاً
التعليقات
Mazen Samer Ayoub

هذة الطريقة لا اعتقد انها تزيد من كفائة التعلم او الحفظ في الذاكرة البعيدة لانك اذ حفظ الكلمات وثم ذهبت الى النوم ولم تشغل مقطع الصوت فعندما تستيقظ ستجد نفسك متذكر الكلمات بنفس كفائة تشغيل المقطع قبل النوم.

ولافضل هو الاستمرار في تكرار الكلمات في ايام مختلفة حتى تبقى متذكرها.

منذ 3 سنوات
حمزة

لقد جربت هذه الطريقة بتعلم اللغة الفرنسية حيث كنت استمع لتسجيلات محادثة أثناء نومي. وبالفعل، ساعدتني جدا هذه الطريقة بتعلم اللغة وتحديدا في اكتساب القدرة على اللفظ الصحيح.
شكرا على هذا المقال !

منذ 3 سنوات