أشهر 7 نظريات فلسفية تفسّر كيفية تعلّم اللغة

أشهر 7 نظريات فلسفية تفسّر كيفية تعلّم اللغة

تعد اللغة أساس التواصل بين البشر وهي التي تميزنا عن الكائنات الأخرى، حيث يمكننا توضيح أفكارنا والتعبير عن مشاعرنا المجردة باستخدام ترتيب صحيح للكلمات والأصوات وهذا ما يجعلنا فريدين. لا عجب أن الفلاسفة ظلّوا يناقشون أهمية اللغة وكيفية تعلمها منذ آلاف السنين، ووضعوا الكثير من النظريات وناقشوا العديد من  الفرضيات،. فإذا كنت تتطلع إلى تعلم لغة جديدة، فمن الضروري أن تعرف أساسيات نظرية اكتساب اللغة. سنتعرف في هذا المقال على أهم سبع نظريات فلسفية تشرح كيفية تعلم اللغة. 

 

نظريات تعلم اللغة:

1. نظرية أفلاطون - Plato والمعرفة الفطرية:

نظرية أفلاطون هي المكان الذي نبدأ فيه رحلتنا لفهم طبيعة تعلم اللغة منذ حوالي 400 عام قبل الميلاد. تبنّى أفلاطون فكرة أن البشر يولدون بمعرفة فطرية (معرفة مسبقة) لكل شيء من حولهم، أي باختصار يأتي الناس إلى العالم وهم يعرفون أشياء لم يدرسوها، واعتقد أن بعض المعرفة والمهارات بما في ذلك اللغة كانت فطرية، وأثبت نظريته بأن معظم الناس يمكنهم التحدث في وقت مبكر من الحياة. بعد أن أطلق أفلاطون هذه النظرية أصبح الباحثون يتناقشون ويدرسون أبعاد هذه النظرية في محاولة لمعرفة ما إذا كنا قد ولدنا بالفعل ولدينا القدرة على التحدث بلغة ما أو إذا كان علينا تعلم كل شيء بمفردنا وإلى يومنا هذا فإن المناقشة في صدد هذا الموضوع ليست واضحة المعالم. 

 

2. نظرية ديكارت - Descartes واللغويات الديكارتية:

اعتقد ديكارت الفيلسوف وعالم الرياضيات الفرنسي أنّ البشر مخلوقات عقلانية إلى حد كبير تحتاج إلى لغة للتفاعل، واتفق ديكارت مع أفلاطون أننا نكتسب لغتنا الأم بشكل فطري، أما بالنسبة لتعلم لغة ثانية فاعتقد ديكارت أن ذلك يعتمد على إيجاد أوجه تشابه بين لغتنا الأم واللغة الهدف، وبعد ذلك نقوم فقط بمعالجة المعلومات والقواعد اللغوية الجديدة على الهياكل والأساسات الموجودة بالفعل في عقلنا من لغتنا الأم.

 

3. نظرية لوك وتابولا راسا - Locke and Tabula Rasa:

هذه النظرية المعروفة أيضاً باسم اللوح الفارغ هي أحد الأفكار الأكثر شيوعاً للفيلسوف جون لوك  John Locke التي صدرت في عام 1690. حيث تقف أفكاره ضد المعرفة الفطرية أو المعرفة منذ الولادة، بدلاً من ذلك كان يعتقد أننا وُلدنا جميعاً كألواحٍ فارغة، وبينما نمر في الحياة تُكتب خبراتنا والمعرفة التي نكتسبها على ذلك اللوح، كما ناقش بأننا نتعلم كل شيء ونستقبل كل المعلومات الجديدة من خلال حواسنا الخمس. في الواقع إذا كنت تتعلم لغة جديدة الآن فمن المحتمل أنك شعرت بهذه النظرية، فقد يبدو كل درس وكل خطوة في رحلتك بتعلم لغتك الجديدة وأنت تضيف معلومات جديدة كما لو كان ذهنك صفحة فارغة.

 

4. نظرية سكينر-Skinner السلوكية:

وافق Skinner مع Locke في بناء نظريته السلوكية على مفاهيم علم النفس السلوكي. حيث تقول نظريته في اكتساب اللغة أن كل سلوك هو استجابة للمنبهات المحيطية، وقد طبّق هذا على تعلم اللغة من خلال تجربة فعالة، وهي تجربة التكييف الكلاسيكي للعالم بافلوف حيث قرع بافلوف الجرس ثم أطعم الكلاب وسرعان ما ربطت الكلاب صوت رنين الجرس بالطعام وكان لعابها يسيل (سواء تم إعطاؤهم طعاماً أم لا).

طبّق سكينر فرضيته على نهج تجربة التكييف الكلاسيكي في كيفية تعلم اللغات وتفسير كيفية اكتساب لغة ثانية. إن التكييف الفعال هو استخدام التعزيز الإيجابي والسلبي لتغيير السلوكيات على سبيل المثال، مطالبة الطفل بتكرار الطلب مع كلمة "من فضلك" عند طلبه لشيء ما حيث نجيب على طلبه في حال قال من فضلك ولا نجيب على طلبه في حال عدم قوله "من فضلك". إذاً تركًز هذه النظرية على منع الأخطاء وتصحيحها في حال وقوعها بالتعزير السلبي أو الإيجابي حيث يتلقى النجاح تعزيزاً إيجابياً ويتلقى الفشل التعزيز السلبي. 

لكن يوجد هناك مشاكل في نظرية اكتساب اللغة هذه حيث تخلق بيئة تعليمية مرهقة تعاقب المتعلمين الذين يرتكبون الأخطاء على الرغم من أن ارتكاب الأخطاء يعد جزءاً أساسياً من تعلم اللغة ويمكن أن يؤدي هذا إلى استسلام المتعلمين قبل أن يحرزوا أي تقدم في تعلم اللغة الجديدة. 



5. نظرية تشومسكي- Chomsky والقواعد العالمية:

من المعروف أن نعوم تشومسكي وقف ضد نظرية السلوك لسكينر فقد كان تشومسكي يؤمن على الأقل ببعض القدرة الفطرية لدى البشر في اكتساب اللغة وأننا بشكل أساسي قد ولدنا جميعاً ولدينا القدرة على تعلم اللغات نتيجة وجود جهاز اكتساب اللغة (LAD) وهو المكوّن النظري للعقل الذي يسمح لأي شخص باكتساب لغة وإضافة معلومات جديدة. 

تستند نظرية اكتساب اللغة هذه على أن الأطفال على سبيل المثال لديهم القدرة على سماع وإصدار أي أصوات تصدر من أي لغة حتى مرحلة عمرية معينة من تطورهم، حيث تركّز هذه النظرية في شرح كيفية تعلم لغة أولى (اللغة الأم) إلا أنها لا تفسّر كيف يتعلم المرء لغة ثانية.

 

6. نظرية شومان -Schumann ونموذج الانغماس الثقافي:

نظر جون شومان على وجه التحديد في كيفية تعلم المهاجرين لغة جديدة بمجرد انتقالهم لبلد جديد والانغماس الثقافي بلغته. ينظر نموذج الانغماس الثقافي الذي تمت مناقشته في عام 1978 في التأثير الاجتماعي والنفسي لإعادة التوطين على متعلمي اللغة.

بدلاً من التفكير في تعلم اللغة من حيث التعلم من أجل المتعة قام بدراسة هذا الموضوع عندما كان تعلم اللغة أمراً ضرورياً. يشير شومان إلى خمسة عوامل مختلفة تؤثر على كيفية تقييم المهاجرين وإحرازهم تقدماً في تعلم اللغة الجديدة.

 

عوامل شومان الخمسة:

1-التطابق الثقافي: كلما كانت مجموعة المهاجرين متشابهة ثقافياً مع ثقافة البلد الجديد زادت فرصة تكرار الاتصال بينهما مما يعزز تعلم اللغة. 

 

2-العامل المحيطي: إذا كان هناك المزيد من الفرص للمتعلمين للتفاعل مع المتحدثين الأصليين (من خلال المدارس والوظائف والنوادي وما إلى ذلك) فستكون هناك فرصة أكبر لتعلم اللغة. 

 

3-عامل التكامل: وجود رغبة في الاندماج وتعتمد على مدة الإقامة المقصودة من قبل المهاجرين فكلما طالت مدة الإقامة زادت احتمالية تعلم اللغة. 

 

4-عامل الحجم: إذا كانت مجموعة المهاجرين الذين يتعلمون اللغة كبيرة جداً فسوف يميلون إلى التجمع معاً والتحدث بلغتهم الأصلية مما يقلل من احتمالية اكتساب اللغة الجديدة. 

 

5-الهيمنة الاجتماعية: أي تقدير أهمية تعلم هذه اللغة، حيث أشار إلى أهمية الدافع وتأثير الجوانب النفسية على تعلم اللغة. 

7.نظرية كراشين - Krashen وفرضية الإدخال:

يقدم ستيفن كراشين أكثر النظريات عملية من بين كل هذه النظريات حيث اتبع نموذج المراقب وتم طرحها ما بين عامي (1970 - 1980) وهي عبارة عن مجموعة من 5 فرضيات تحدد العملية التي يمر بها الجميع لتعلم لغة. 

 

فرضيات كراشين الخمس حول اكتساب اللغة:

1- فرضية اكتساب التعلم: يؤكد هنا على أن الكلام ليس هو الأولوية بل الاستماع، حيث يبدأ المتعلمون في فهم اللغة من خلال الاستماع لجميع الأشخاص من حولهم يتحدثون هذه اللغة أي أن يكون غالبية محيطه يعتمد على هذه اللغة، وبمجرد أن يحصل المتعلم على قدر كافٍ من التعرض للغة يمكنه البدء في التحدث بها.

 

2- فرضية الإدخال: يبدأ تعلم اللغة عند القدرة على حفظ معلومات مفهومة بينما إذا كانت المعلومات صعبة للغاية ومعقدة فلن يتعلم الناس، أي تعتمد هذه الفرضية على الفهم فكل شيء يمكن فهمه يمكن تعلمه.

 

3- فرضية المراقبة: أثناء تطوير أنفسنا نقوم ببناء مراقب داخلي مُصمم لمنعنا من ارتكاب الأخطاء، يمكن أن يتداخل هذا المراقب مع عملية تعلمنا للغة لأن التعلم يحدث من خلال ارتكاب الأخطاء.

 

4- فرضية النظام الطبيعي: اللغة لها مراحل وتعقيدات فلا يمكن للناس فهم الهياكل النحوية المعقدة قبل أن يكتسبوا القدرات اللازمة مسبقاً، أي أننا نولد وعندنا قدرة فطرية على فهم القواعد وحفظ اللغة بشكل طبيعي.  

 

5- فرضية التأثير العاطفي: كثرة الإجهاد يثبط التعلم، ولزيادة نتائج تعلم اللغة يجب أن يتعلم الناس في بيئة شبه معدومة أو خالية من الجهد والتعب، حيث سيسمح هذا للمتعلمين بالاسترخاء لاستكشاف اللغة. 

 

تعمل هذه النظريات  على توضيح العملية الكامنة وراء تعلم اللغة، وبالتالي تساعدك في رسم الفكرة الكامنة وراء كيفية التعامل مع تعلم اللغات والوصول إلى الطلاقة، وبصفتك متعلماً للغة يمكنك ربط هذه النظريات بأهمية الدافع وراء تعلم اللغة، فكلما زاد تحفيزك كلما أردت تعلم اللغة أكثر وزادت احتمالية نجاحك.


المؤلف: نورا الشجاع
اترك تعليقاً
التعليقات
عبدالكريم شين بحر

مقالات قيمة

منذ 10 أشهر
شرف الدين الافغاني

كان الموضوع ممتاز و لكن لو تعيدي النظر لكان افضل
بارك الله فيك

منذ سنة
رتيبة بن عاشور

الموضوع راائعة استفدت كثيرا شكرا جزيلا

منذ سنة